عندما تحاول اتخاذ قرار مهم، فإنك كثيرا ما تسمع عبارة ” ثق بغريزتك”. إن “غريزة أمعائنا” هي شعور بديهي نحصل عليه من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك تجارب حياتنا وحكمتنا. من ناحية أخرى، فإن أمعاءنا الحقيقية أقوى بكثير؛ فهي مرتبطة بالصحة العامة والمرض وحتى المزاج، وتتأثر بكل ما نقوم به تقريبا.
الميكروبيوم هو المسؤول
هناك المليارات من البكتيريا والفطريات والفيروسات في الميكروبيوم، ومعظمها صحي ومفيد. الجراثيم هي مجموعة من البكتيريا الموجودة في جسم الإنسان، أما الميكروبيوم فهو المجموعة الكاملة من الجينات الموجودة داخل هذه الميكروبات. الجينات الميكروبية لها تأثير كبير على كيفية عمل الجسم. لدى جيناتك جغرافيتك وحالتك الصحية وضغطك ونظامك الغذائي وعمرك وجنسك وكل ما تلمسه دور في تحديد الميكروبيوم. لأن هذه العناصر تتغير كثيرا، ولذلك يتغير تكوين الميكروبيوم المعوي باستمرار. على الرغم من أن البكتيريا تشكل غالبية الكائنات الحية الدقيقة، إلا أن الفيروسات هي سكان الجسم الأكثر انتشارا. غالبا ما يعتقد أن الفيروسات مدمرة، ولكن هذا ليس هو الحال دائما. تصيب الفيروسات الموجودة في المعدة خلايا بكتيريا الأمعاء ولكنها ليست ضارة دائما. بل تساهم في شراكة متبادلة المنفعة. لدى الفيروسات القدرة على نقل الجينات المفيدة بسرعة. إذا قمت بإدخال بكتيريا جديدة إلى أمعائك من خلال نظامك الغذائي أو عبر نبيتك الجرثومي المعوي، فيمكن للخلايا الفيروسية أن تساعد البكتيريا على الازدهار عن طريق نقل الشفرة الوراثية (نيو وراشينغ، 2011). يعتبر الميكروبيوم مهمًّا جدا لوظائف الجسم لدرجة أنه يعمل كعضو، مما يؤثر على الشيخوخة والهضم والمناعة والمزاج والوظيفة الإدراكية. كما اكتشفت البحوث أهمية النبيت الجرثومي المعوي على الصحة العقلية. محور الدماغي المعوي هو ارتباط معقد بين المعدة والدماغ، وقد يكون هناك ارتباط بين سوء صحة الأمعاء والاكتئاب. لتنظيم كيمياء الدماغ والتوسط في الاستجابة للضغط والقلق والذاكرة، يتفاعل الميكروبيوم مع الجهاز العصبي المركزي (كارابوتي وآخرون., 2015).
العلاقة بين الأمعاء والمرض
يساعد نظام المناعة القوي والمستويات المنخفضة من الالتهاب المزمن على صحة النباتات المعوية المتوازنة. ترتبط أمراض السمنة والربو والحساسية وأمراض المناعة الذاتية مثل مرض الاضطرابات الهضمية والسكري من النوع 1 ومرض التهاب الأمعاء والتهاب المفاصل الروماتويدي بميكروبيوم غير صحي. يعتبر الالتهاب المزمن بشكل متزايد سببا أساسيا لأمراض القلب والأوعية الدموي وداء السكري من النوع 2 والعديد من أنواع السرطان.
يمكن علاج التهاب الأمعاء المطثية العسيرة عن طريق زراعة جراثيم البراز.
لإصلاح الميكروبيومات المعوية، بدأ الأشخاص الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء المطثية العسرية المكتسب في المستشفى في زراعة جراثيم البراز من الأشخاص الأصحاء. وقد ثبت هذا العلاج فعال بنسبة تفوق 90 ٪ في شفاء مرضى الأمعاء المطثية، البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. تعتبر عمليات زراعة البراز فعالة بشكل خاص لأنها تعيد البكتيريا المفيدة على الفور إلى القولون. فهي تشبه تناول أقوى دواء بروبيوتيك على هذا الكوكب.
فحص الأمعاء للرياضيين
درس الباحثون الأيرلنديون مؤخرا تأثير الميكروبيوم على الرياضيين التنافسيين. يعزز النشاط البدني صحة بكتيريا الأمعاء الصحية، وفقا للدراسة التي أجريت على 40 لاعبًا في منتخب الرجبي الأيرلندي. أظهرت الدراسة أن الميكروبيوم الرياضي مستعد لإصلاح الأنسجة ويساعد في ارتفاع معدل دوران الخلايا في رياضات النخبة، مما يوضح كيف تعزيز اللياقة البدنية نباتات الأمعاء (بارتون وآخرون., 2017).
صحة الأمعاء تساوي السعادة.
تعتبر العديد من اكتشافات ميكروبيوم الأمعاء مذهلة وغير متوقعة، إلا أن القسم التالي من هذا المقال ليس كذلك. كيف يمكنك تعزيز صحة الأمعاء والحفاظ عليها؟ كيف يمكنك الحصول على مجموعة متنوعة ومستقرة من ميكروبات الأمعاء والحفاظ عليها؟ الحل واضحة: تناول الطعام بشكل جيد ومارس بعض التمارين الرياضية. استهلاك مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالألياف مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقول (الفول والعدس) والتي تحتوي على نسبة عالية من ألياف “البريبايوتك. وهي شكل من أشكال الألياف الغذائية التي تمر عبر الأمعاء الدقيقة دون هضمها، ولكن يتم تخميرها بواسطة البكتيريا التي تريدها في قولونك. يمكنك أيضا تناول مكمل بروبيوتيك وتناول منتجات الألبان المخمرة مثل الزبادي ولبن الكفير (غير المحلى).
يبدو أن معظم حالات الصحة أو المرض تقريبا تحددها المعدة. ولذلك يعتبر من المهم أكثر من أي وقت مضى بالنسبة لنا كمحترفين في مجال الصحة واللياقة البدنية أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان أن كل شخص نرشده نحو الصحة يجمع بين أنماط الأكل المعقولة والتمارين البدنية المنتظمة بدلا من اختيار أحدهما أو الآخر. من المهم أيضا الاستمرار في تثقيف العملاء لاتخاذ قرارات صحية أفضل بشأن النوم والتوتر ومجالات الحياة الصحية الأخرى.