مارس 21, 2022

علم الجوع

لقد عانى معظمنا من شعور العصبية والتذمُّر الشديد الذي يحدث عندما نمضي وقتًا طويلاً بدون طعام. سنفسِّر هذا الأمر، وسنبيِّن بعض المعلومات حول سبب حدوث ذلك. إليك ما تحتاج إلى معرفته، وكيف يمكنك مساعدة الأشخاص للتغلُّب على الإحساس بالجوع عندما ينتابهم. إنَّ التعريف الرسمي للجوع هو “الشعور أو نشوء الانفعال بسبب الجوع”. ونحن البشر، لدينا الخيار بالاستجابة للجوع عندما نشعر به، ولكن في حياتنا المزدحمة والمكتظة بالمواعيد؛ غالبًا ما نختار تجاهل مشاعر الجوع، وننتظر وقتًا طويلاً لإطعام بطوننا الفارغة. وإنَّ استجابة الجسم المتجاهلة لتلك المشاعر تتسبَّب في رد فعل عاطفي (مثل القلق والتوتر) لتحفيز رد الفعل، وكلما طالت فترة حرمان الجسم من الطعام؛ زادت الاستجابة العاطفية. ومن المهم أن ندرك أنَّ المعدة والدماغ متصلان ببعضهما البعض، وأنَّ جزءًا من هذا الاتصال مرتبط بإشارات الجوع والشبع. وفي دراسة نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية (غالبًا ما تُختَصر باسم PNAS أو PNAS USA)؛ وجد الباحثون وجود علاقة بين الجوع والشعور بالغضب وانخفاض نسبة السكر في الدم. وبشكل أساسي، عندما تمضي وقتًا طويلاً بين وجبات الطعام؛ فإنَّه ينخفض مستوى السكر في الدم، مما يشير إلى إطلاق سلسلة من الهرمونات المرتبطة بالجوع، وهو هرمون الجريلين. إنَّ هرمون الجريلين هو هرمون يُنتَج في المعدة ويحفِّز الشعور بالجوع، ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى إثار مشاعر القلق في الدماغ، فيبدأ الشعور بالغضب. وعندما تكون جائعًا، تكون أكثر سرعة في الانفعال، وأكثر وعيًا بمشاعرك، لأنَّها تعزِّز الدافع للبحث عن الطعام وتلبية الاحتياجات الغذائية. ويتسبَّب إطلاق هرمون الجريلين بالشعور بالجوع، ويجب أن يكون الدافع لك لبدء البحث عن الطعام. وعندما تأكل، يختفي هرمون الجريلين، وكذلك مشاعر القلق. ولكن في حال تجاهل علامات الجوع تلك؛ فقد يؤدي ذلك إلى اضطراب هرمونات أخرى في جسمك، مثل: الكورتيزول والأدرينالين.

ويؤدي انخفاض مستوى السكر في الدم أيضًا إلى إطلاق الهرمونات المرتبطة بالتوتر (الإجهاد النفسي)، مثل: الكورتيزول والأدرينالين. ومع زيادة هذين الهرمونين، ينتقل الجسم إلى استجابة الكر أو الفر. من هنا، تنشأ آثار الجوع عقليًا وعاطفيًا وجسديًا. فعندما تشعر بالجوع، لا تعمل قشرة الفص الجبهي لديك بقدرة عالية، ويمكن أن يؤثِّر ذلك على الصفات الشخصية وضبط النفس والرتابة، وحتى يؤدي إلى إغلاق الذاكرة طويلة المدى مؤقتًا. وعلى المستوى العاطفي، يبدأ عقلك بالشعور بالقلق والتوتر، وقد يؤدي ذلك إلى عدم القدرة على الصبر والتركيز، أو حتى التصرُّف بشكل غير طبيعي. وعلى المستوى الجسدي، يزداد معدل ضربات القلب وضغط الدم والتنفُّس.

الببتيد العصبي Y: إذا واصلت تجاهل هرمون الجريلين، والارتفاع المفاجئ في الكورتيزول والأدرينالين؛ فسوف يدخل جسمك في حالة من الذعر، وستشعر بالانفعال بجميع تأثيراته. وفي هذه المرحلة، يقوم الجسم بإطلاق الببتيد العصبي Y، والذي وُجِد أنَّه يجعل الناس يتصرَّفون بشكل أكثر عدوانية تجاه من حولهم. وبالإضافة إلى ذلك، يحفِّز هذا الببتيد العصبي تناول الطعام مع رغبة بتناول الكربوهيدرات سريعة الهضم. وأخيرًا، يؤدي إطلاق الببتيد العصبي Y إلى زيادة دافع لتناول كميات كبيرة من الطعام، بالإضافة إلى تأخير الوقت الذي يستغرقه هذا الطعام حتى تشعر بالشبع. وباختصار، يؤدي الجوع إلى زيادة الشهية عن المعتاد، وخاصة بالنسبة للكربوهيدرات، لذلك ينتهي بك الأمر بتناول الطعام بإفراط.

آثار الجوع في الحياة الواقعية

مثال 1: وجدت إحدى الدراسات التي برزت قبل بضع سنوات أنَّ القضاة أقل احتمالًا لوضع أحكام قضائية متساهلة كلما اقترب موعد الغداء. واتضح أنَّ جوعهم قد أدى إلى الانفعال، مما أثَّر على مهارات اتخاذ القرار لديهم.

مثال 2: طلبت دراسة كلاسيكية أُجريت على الأزواج أن يقوموا بوضع دبابيس في دمى الفودو التي تمثل أحبائهم، وذلك لعكس مدى غضبهم تجاههم. ووجدوا أنَّه عندما يكون لدى الناس مستويات سكر منخفضة في الدم، فإنَّه يزداد عدد الدبابيس التي يضعونها في الدمى. أوتش!

طرق لمنع الجوع

الانتباه: استجب للإشارات. إذا لاحظت أنَّه تزداد سرعة الانفعال لديك، فقد يكون الجوع هو السبب. خذ قسطًا من الراحة، وابحث عن وجبة خفيفة تساهم في الأكل الصحي. وينبغي على معظم الناس ألا يمضوا مدة أكثر من أربع إلى خمس ساعات بين الوجبات، إذ سيساعد هذا النوع من أنماط الطعام الصحي على تخفيف الجوع، وتحقيق التوازن في مستويات السكر في الدم لمنع سيطرة التقلُّبات العاطفية الناجمة عن الجوع.

كن مستعدًا: احمل معك الوجبات الخفيفة المناسبة للسفر، لتكون متاحة بسهولة. ويجب أن تحتوي الوجبة الخفيفة على مزيج من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، إذ ترفع الكربوهيدرات الموجودة في الحبوب الكاملة والتي تحتوي على نسبة عالية من الألياف (5 جرامات أو أكثر لكل وجبة) من مستويات السيروتونين، وذلك لزيادة نسبة السكر في الدم من خلال دفعة سريعة، في حين تحافظ الألياف على معدتك ممتلئة، وتُهضَم البروتينات والدهون بشكل أبطأ لتمنحك القدرة على البقاء والشعور بالشبع لفترة أطول. لذلك، من خلال حمل وجباتك الخاصة من الأطعمة الصحية والطازجة معك، ستكون أقل ميولًا لمغريات الأطعمة غير الصحية التي تفتقر إلى المواد الغذائية التي يتوق إليها جسمك